غيومٌ دكناء تلبدتْ
والضبابُ حجبَ الرؤيا
والغيثُ انصبّ بقوةِ السحبِ
والبيلسانة ُتهدلتْ أغصانها
ورحلتِ العطورُ والعبقُ
والرعود ُدوتْ وبدأتْ أسرابُ
النوارس تغادرُ البحيرةَ
وعلى مضضٍ قفل مغادرا
النورسُ . وعلى صوت نحيب البيلسانةِ
انهمرتِ العبراتُ من مآقي النورسِ
سال رئيسُ سربِ النوارس ِ
أيها الصديقُ المخلصُ للبيلسانِ
ما بكَ والدمو عُ أغرقتْ رموشك َ
ولمْ تعدْ ترى الدليلَ
ماذا جرى ,بُحْ ليَ قد أساعدُكَ
فاعْتكفَ النورسُ عنِ السرب ِ
وحطَّ إلى جانبِ الطريقِ
وبدأ يندبُ حضَّهُ
لماذا غضبُ الطبيعة ِصبَّ كلَّ عقابهِ علينا
بدأ النورسُ يُسائلُ نفسَه ُ
لقد تركتُ هناكَ تحتَ ظلِّ البيلسانةِ أجمل ذكرياتي
وأودعتُها فؤادي
وبينَ الفينةِ والأخرى
راحَ النورسُ يكتبُ رسالةً إلى البيلسانةِ
أيتها الصديقةُ الوديعة ُ
مشوارُ عودتي إليكِ قد يطولُ
ورسالتي تكاد لا تكْتملُ
والمدادُ أوشكَ أنْ يجِفَّ
وغرزتُ اليراعَ في عبراتي
واختلطَ المدادُ بعبراتي
وتحولَ لونُ المدادِ أحمرا قان ٍ
عزيزتي البيلسانة ُ
لقد اكتوتْ مهجتي من الفراقِ
لم أعدْ أقْوَ على احتمالِ الفراقِ
عبقُكِ ما زالَ يسكنُ في حاسةِ شمّي
ومعسولُ كلامكِ أعادني إلى رشدي
لم أعتدْ على نسيانِ أصدقائي
وها أنا قافلٌ بالعودةِ
أفرشي أغصانكِ كأذرعةِ عذراء ٍ
واحْتويني بظلالكِ
لكنْ ‘لىَ شرط ٌ أن نتابع رحلةَ الحوارِ سويةً
ونقصُّ حكاياتَ الناسِ الذينَ أعماهُمُ الطمعُ
وانساقوا إلى دروبِ القتالِ ولماذا
من أجل ِحفنةٍ من الأموال ِ
ونسوا أنهم يُغرقونَ الآمنينَ بالدماء ِ
بيلسانتي العزيزة ِ
تعالي نترافقُ لنلقي الأعلامَ البيض
ونعلمهُم تجربةَ صداقتنا
أوعدكِ أنني سأفرشُ جناحيَّ
لأقيكِ من وابلِ الأمطارِ والرعودِ
في دربِ العودةِ تهتُ
ضاعَ الدليلُ ورسالتي ابتلتْ
صادفتني حمامة ٌزاجلة ٌ
قلتُ لها ألا تأخذي رسالتي
هذه لصديقتي البيلسانةِ
عند بحيرةِ الصداقةِ
قالتْ إنني ذاهبةٌ هناكَ رافقْني
وعندَ التحليقِ للعودة ِ
تعانقَ النهارُ والليلُ
وبدأ الغسقُ يسيطرُ
وانبلجَ ضياءُ البدر ِ
ومزّقَ حُجُبَ الظلامِ
والبلسانةُ ليستْ داريةً
وحمْنا حولَها وهي غافيةٌ
مشهدٌ آلمني كثيراً
فجأة على صوت ِتراطمِ
الأجنحةِ استفاقتْ
ما أنْ رأتني كادتْ تغرق
بالبكاء ِ .
قلتُ يا صديقتي لا جدوى من الخلافِ
لابدَّ يأتي يوم ٌ وننسى الماضي المؤلم
لماذا الإختلاف
نحنُ أصحابُ هذا الفضاءَ وأنتِ راعيةُ هذه الأرضَ
التي نعيشُ جميعاً لنشُدُ أيدينا لبعض
لتُصْبح الأرضُ معطاءة ً
والفضاءُ صافٍ خالٍ من السمومِ
وتعانقْنا ووثقْنا العهدَ
وانصرفتِ الحمامةُ
وبقينا لنكمل حوارنا
بين النورس والبيلسانة
نعيم كمو أبو نضال