النورس والبيلسان 6

عندما انتشر الغسق وتعانق مع الهجيعِ
جلستُ عند شاطئ البحيرة أتمتع برؤى الليلِ الحالم ِ
وبقربي شجرة البيلسان الجميلة
أراقب النجوم وهي تزهو وتتلألأ
تتراقص تتعانق , وتغار الواحدة من الأخرى
لمحتْ عينايا نجمة تشبه نديمتي
التي اعتدت أسامرها كل ليلة
أناديها .وتابع الليل بعتمته والبدر
ينير نديمتي
سألتُ البدرَ أيها الصديق الوفي
دعكَ بجانبنا نتغازلُ تحت نورك الفضي
التفتتِ البيلسانة وهمست قائلة
أيها النورس مالي أراك اليوم عاشق البدر
أجبتها أيتها البيلسانة العزيزة
ألا ترين معي أنِ لونكِ يشبه ضياء القمر
وثغركِ ترتصف فيه لآلئ أضاءت بنورها وجهي
وشعرك ِ المتناثر على أغصان البيلسانة
ولمعانه ساطع كوجهكِ المنير
سكتت البيلسانة وتنهدت
قالت
دعني أيها النورس أشعر اليوم أنني متوعكة
وفؤادي كاد يتمزق
قلت لماذا أهي صدمة أم وعكة عابرة
أجابت لست أدري
بدرَ منكَ ما آلمني
وشعرتُ بشيئ حزَّ بنفسي
قلتُ ماذا حدث
أجابت لقد قطفتَ بعضاً من وريقاتي
قلتُ لها أنتِ من أمرني أن أزيلَ بعض الوريقات التي برق
لمعانها بشدة
قالت ولكنني امتعضتُ جداً ولم أصارحكَ بذلك
أجبتها
أيتها البيلسانة العزيزة
ما بالك ِ اليوم لستِ كما عهدتكِ
قالت دعني اليوم واذهب
ودعتها على مضضٍ
وحملتني أجنحتي ووكرتُ في وكري
وأنا أتقلب يمنة ويسرة.
بينما النجوم ساهرة والليل بدأ يتراجع وبزغت أولى خيوط الفجرِ
هرعتُ وأجنحتي تمزقتْ بعض الريَش ِ
منها
وحلقتُ فوق البيلسانة
قلت صباح الخير أيتها اللؤلؤة
كيف حالك ِ اليوم
أوتريدين أن أعيد الزهيرات اللائي قطفتها
أجابت دعها وشأنها
ولكن أرجوكِ ما السبب
قالتْ لن تعاد إليَّ
لأنني أشعر بتمزق ٍ في أليافي
وبحاجة لبعض الأسمدة التي تناسبني
حُمتُ وأحضرتُ الأسمدة َ
ورويتها بدموعي لعلَّ الزهيرات تنمو ثانية
واعتذرتُ من البيلسانةِ
وتركتها ترتاح ليأخذ العلاج دوره
وما زلتُ قلقاً عليها
أحاولُ أراضيها
بدأتُ أعاتب نفسي
عاودتُ الكرة إليها
رأيتها قد تماثلت للشفاء
لكنها أبتْ عودة الزهرات لأغصانها
قلتُ لها أيتها البيلسانة ألا تحبينني .أريد أن أكون إلى جانبكِ
قالتْ بلى لكن دون أن يمسني وما يخالفُ
عادة الزهور
قلتُ لكنني أحبُ الزهور ومعاشرتها
أحب البيلسان فكيف تمانعيني
قلتُ أيتها البيلسانة العزيزة
يكفيني ظلكِ الوارفِ
يحتضنني ويقيني الرمضاء
وهباتُ النسائم تلامس وردكِ فتنعشني بعبقها
وتنثر شذاها فوقي
هدأ الكونُ وسكنَ الليلُ
ونامتِ البيلسانة ُ
ودعتها بسلام
وما زلتُ بانتظارها
نعيم كمو أبو نضال