Naim Gammo
٢٤ دقيقة
...
رحلة خلف السراب
رافقني قاربي نحو شاطي البحر
أنتظر جزر البحر يغادرني معه
لألتقي بصديقة كانت بالأمس رفيقة دربي
أخذتني الغفوة وأنا منتظرا للرحيل
سافر البحر وتركني أنا وقاربي
تتالت الأمواج وتصادمت ببعضها
والمد والجزر يتعانقان
جالت أفكاري بعيدة
أين هي تلك الصديقة التي وهبتني ثقتها
بين تضاد الأفكار وتلاطم الأحلام
شردت وطال شرودي
ترى ما الذي جرى
أين أنتِ يا توأمي
هل ضاقت بكِ السبل
وتعذر الوصال
بينما البحر يركن للهدوء
اصطحبت المركب ودرج بين المياه
تركت نفسي وغبت على سطح قاربي
فجأة ارتد الموج وانزاح المركب
إلى أين لا أدري
شمالاً جنوباً أم شرقا وغربا
بقيت بين أمر الطبيعة واتجاه الرياح
تابعت مسيرتي نحو هدف غير معلوم
هل هذا عبث مني راكضاً وراء امرأة
ليس لها عنوان
ولا استقرار في المكان
لكن ما دفعني لذلك
هو تقديري للإخلاص والمودة
لامرأة لم تتوفر صفاتها في أغلب الناس
هل انا تائه أم غافل
الركض وراء المجهول
قدري أن البحر بقي هادئا
وانبلج الفجر
وبزغت خيوط الشمس
ولفحني وهجها
هبيت من رقادي وقطرات الندى تلامس خدودي
والنوارس ترفرف فوقي
وكأن الطبيعة لم تعاكسني
عصفت رياح لم أدر ِ من أية جهة
ونجوم الليل تتلألأ
والبدر يواكبني أينما اتجه مركبي
ربما الإتجاه كان معاكساً
كان سيأخذني إلى نهايات لا حدود لها
وكأن رفيقة خميلتي بحنانها
اندفع المركب برحلة العودة
صوت تناغم موجات البحر الهادئة
تحولت إلى سمفونية شهرزاد
بين الليل والنهار كانت أفكاري تسافر مع البحر
أما قوتي من المؤونة اضمحلت
بين الأخذ والرد والحيرة والشك
متى تنتهي رحلتي
وكم تدوم مؤونتي
سقطت من فم أحد النوارس سمكة
احتفطت بها وثابرت معي حتى العودة
سألت نفسي ترى قد تكون هذه السمكة تقمصت روح صديقتي
هكذا كانت رحلتي نحو المجهول
قذفني المد نحو الشاطيء
وكأن المركب لم يغادر المكان
وما زلتُ أنتظر عودة تلك المرأة
إلى الجزيرة التي اخترتً الركون فيها
وعد ٌ أيتها الصديقة الوفية
سأظل وفياً كعادتي لكل من عرفت
وأمنح ثقتي دون حساب
هكذا تعلمت ُ من مدرستي الفكرية
الدفاع عن مصالح الكادحين بشتى كدحهم
وأعمل مع معشر الأدباء
نكتب نعبر عما يخالج فكرنا
سيدتي ما زلت منتظراً
نعيم كمو ابو نضال